الديوان : قصائد وشعر محمود درويش . الشاعر/الكاتب : محمود درويش

قال عبد الله للجّلاد : 
جسمي كلمات ودويّ 
ضاع فيه الرعد 
و البرق على السكّين، 
و الوالي قوي 
هكذا الدنيا.. 
و أنت الآن يا جلاد أقوى 
ولد الله .. 
و كان الشرطيّ!.. 
عادة، لا يخرج الموتى إلى النزهة 
لكن صديقي 
كان مفتونا بها. 
كلّ مساء 
يتدلّى جسمه، كالغصن، من كل الشقوق 
و أنا أفتح شباكي 
لكي يدخل عبد الله 
كي يجمعني بالأنبياء!.. 
كان عبد الله حقلا و ظهيرة 
يحسن العزف على الموّال، 
و الموال يمتد إلى بغداد شرقا 
و إلى الشام شمالا 
و ينادي في الجزيرة. 
فاجأوه مرة يلثم في الموال 
سيفا خشبيا.. و ضفيرة.. 
حين قالوا: إنّ هذا اللحن لغمّ 
في الأساطير التي نعبدها_ 
قال عبد الله: 
جسمي كلمات.. ودويّ 
هكذا الدنيا، 
و أنت الآن يا جلاد أقوى 
ولد الله 
و كان شرطي 
عادة، لا يعمل الموتى، 
و لكن صديقي 
كان من عادته أن يضع الأقمار 
في الطين ، 
و أن يبذر في الأرض سماء. 
و أنا أفتح شباكي 
لكي يدخل عبد الله حرّا و طليقا 
كالردى و الكبرياء .. 
كان عبد الله حقلا 
لم يرث عن جدّه إلاّ الظهيرة 
و انكماش الظّل و السمرة 
عبد الله لا يعرف إلاّ 
لغة الموّال، و الموّال مفتون بليلى 
أين ليلى؟ 
لم يجدها في الظهيرة 
يركض الموّال في أعقاب ليلى 
يقفز الموال من دائرة الظل الصغيرة 
ثم يمتدّ إلى صنعاء شرقا 
و إلى حمص شمالا 
و ينادي في الجزيرة: 
أين ليلى؟ 
كان عبد الله يمتدّ مع الموّال 
و الموّال ممنوع 
يقول السيّد الجلاّد : 
إن البعد في الموّال لغم 
في الأساطير التي نعبدها 
..و تدلّىرأس عبد الله 
في عزّ الظهيرة . 
آه، عبد الله 
و الأمسية الآن بلا موتى 
و أنت الآن حل للحلول 
آه.. عبد الله ، 
رموز 
و فصول 
آه.. عبد الله، 
لا لون و لا شكل لأزهار الأفول 
آه ..عبد الله، 
لا أذكر بعد الآن ما كنت تقول 
آه ..عبد الله، 
لا تسمعك الأرض 
و لا ليلى .. 
و لا ظلّ النخيل. 
و لد الله 
و كانت شرطة الوالي 
و مليون قتيل!..