الكاتب : احمد تياوي أضيف بتاريخ : 04-10-2016

كميةٌ من أيِّ شي، وكميةٌ من كلِّ شيء.. هي أوَّل هواء نتنفسه عندما نطلُّ على هذه الدنيا، وهي أوَّلُ قطرة حليب نشربها من صدور أمهاتنا.. حينها نكتفي من الحياة بجرعة الهواء والحليب، وجرعة أخرى هي ضمة حنان.. ونكبر، لنبدأ بارتياد جرعة الحلم.. الحلم بأننا كبرنا!!. لم نعد نكتفي بجرعة الحنان الأولى؛ صرنا بحاجة إلى حنان أكثر، إلى جرعات أكثر.. صار الحنان أخاً، وأختاً، وصديقاً، وحبيباً.. كم يؤلمنا حنان من نحبّ ومن يحبنا، لأنَّ الجرعة لم تعد تكفينا كي نستمرَّ بحلمنا معهم. وها نحن نبدلهم، نبحث عن حبّ، وعن حلم، وعن حنان جديد..

 

نبحث عن جرعة من كلّ شيء، بمذاق مختلف وشكل مختلف!!؛ وكأننا نبحث عن حياة نستمرُّ فيها.. نلهث من محطة إلى أخرى، وكأنَّ هواء العالم لا يكفي كي نلتقط أنفاسنا.. آه، نلتقطه جرعة وراء جرعة، ثم نعيد المشهد، نلهث بحثاً عن هواء جديد، عن جرعة نظيفة منه تبقينا أحياء، ثم نبحث عن الحلم، فنأخذ ما يكفي..، لنشعر بأننا أحياء حالمون، وها نحن نبحث عن الأمل، لنأخذ ما يكفي..، كي لا نشعر بالإحباط، ثم نعود لنبحث عن الحنان.. نشتاق محطتَه الأولى، تلك المحطة التي فقدناها ونحن نكبر.. التي تخلّينا عنها ونحن نكبر.. وكيف لنا أن نحتمي من قسوة أننا كبرنا؟..

 

كيف نحتمي بحنان من نحبّ ومن يحبنا؟. في اليأس نبحث عن جرعة القسوة، وفي التعب نبحث عن جرعة النوم.. في الغضب تجتاحنا جرعة الشتيمة.. جرعات كل حياتنا جرعات: جرعة من الحقد، من الألم، من الصبر، من الحرية، من الصراخ، من التوسل، من الوهم.. جرعة لنطفئ شوقنا، وظمأنا، وخيبتنا، جرعة لنقول لمن نحب إننا نحبه.. بصدق، بقوة، بأمان، بثقة.. جرعات نحتاجها، نستمرَّ أحياء نحب ونحلم.. جرعة ليوم، لشهر، لسنة، لعمر.. عمرنا، الذي سيبدو حزيناً وقاسياً، عندما نكتفي في نهايته بحبة دواء صغيرة.. هي الجرعة الوحيدة التي تبقَّت لنا، بعد أن فقدنا كلَّ شيء وأيَّ شيء.. آه، كم هي قاسية آخر جرعة!!؛ معها نمضي وقد اكتشفنا أنَّ الحياة.. ليست أكثر من جرعة!!..

 

ملاحظة:

لا تدمن أحداً قد لا يفهمك..

خذ جرعتك ممن تحب مرة..

تماماً مثلما فعلت روحك معك!!

 

شارك الخبر عبر مواقع التواصل

التعليقات