الديوان : قصائد وشعر نزار قباني . الشاعر/الكاتب : نزار قباني

1

الحاكم يضرب بالطبلة

وجميع وزارات الإعلام تدق على ذات الطبلة

وجميع وكالات الأنباء تضخم إيقاع الطبلة

والصحف الكبرى.. والصغرى

تعمل أيضًا راقصةً

في ملهى تملكه الدولة !

لا يوجد صوت في الموسيقى

أردأ من صوت الدولة !!

2

الطرب الرسمي يباع على العربات

مثل السردين ..

ومثل الخبز ..

ومثل الشاي ..

ومثل حبوب الحمل ..

ومثل حبوب الضغط ..

ومثل غيار السيارات

الكذب الرسمي يبث على كل الموجات ..

وكلام السلطة براق جداً ..

كثياب الرقاصات ..

لا أحد ينجو من وصفات الحكم،

وأدوية السلطة ..

فثلاث ملاعق قبل الأكل

وثلاث ملاعق بعد الأكل

وثلاث ملاعق قبل صلاة الظهر

وثلاث ملاعق بعد صلاة العصر

وثلاث ملاعق .. قبل مراسيم التشييع،

وقبل دخول القبر ..

هل ثمة قهر في التاريخ كهذا القهر؟

الطبلة تخترق الأعصاب،

فيا ربي: ألهمنا الصبر ..

3

الدولة تحسن تأليف الكلمات

وتجيد النصب.. تجيد الكسر.. تجيد الجر..

تجيد استعراض العضلات

لا يوجد شعر أردأ من شعر الدولة

لا يوجد كذب أذكى من كذب الدولة ..

صحف. أخبارٌ. تعليقات

خوذ لامعة تحت الشمس،

نجوم تبرق في الأكتاف،

بنادق كاذبة الطلقات ..

وطن مشنوق فوق حبال الأنتينات

وطن لا يعرف من تقنية الحرب سوى الكلمات

وطنٌ ما زال يذيع نشيد النصر على الأموات ..

4

الدولة منذ بداية هذا القرن تعيد تقاسيم الطبله :

“العدل أساس الملك”

“الشورى – بين الناس- أساس الملك”

“الشعب – كما نص الدستور- أساس الملك”

يا رب الكون ، شبعنا من ضرب الطبلة ..

لا أحدٌ يرقص بالكلمات سوى الدولة ..

لا أحد يزني بالكلمات،

سوى الدولة !!

“القمع أساس الملك”

“شنق الإنسان أساس الملك”

“حكم البوليس أساس الملك”

“تأليه الشخص أساس الملك…”

“تجديد البيعة للحكّام أساس الملك”

“وضع الكلمات على الخازوق أساس الملك…”

طبلة.. طبلة..

والسلطة تعرض فتنتها

وحلاها في سوق الجملة..

لا يوجد عري أقبح من عري الدولة…

5

طبلة.. طبلة..

وطن عربي تجمعه من يوم ولادته طبلة..

وتفرق بين قبائله طبلة..

أفراد الجوقة، والعلماء، وأهل الفكر،

وأهل الذكر، وقاضي البلدة..
يرتعشون على وقع الطبلة..

الطرب الرسمي يجيء كساعات الغفلة

من كل مكان..

والطرب النفطي يحاول تسويق الإنسان

سعر البرميل الواحد أغلى من سعر الإنسان

الطرب الرسمي يعاد كأغنية الشيطان

وعلينا أن نهتز إذا غنى السلطان

ونصيح – أمام رجال الشرطة- آه..

آهٍ.. يا آه..

آهٍ.. يا آه..

طرب مفروض بالإكراه

فرح مفروض بالإكراه

موت مفروض بالإكراه

آهٍ.. يا آهٍٍ..

هل صار غناء الحاكم قدسيّاً

كغناء الله ؟؟.

جنيف 12 – 2 – 86